• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    أقسام النحو
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

الخلاف النحوي في " المقتصد "

علي محمد أحمد الشهري

نوع الدراسة: PHD
البلد: المملكة العربية السعودية
الجامعة: أم القرى
الكلية: اللغة العربية
التخصص: اللغة
المشرف: د. سعد حمدان الغامدي

تاريخ الإضافة: 2/11/2013 ميلادي - 28/12/1434 هجري

الزيارات: 106855

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملخص الرسالة

الخلاف النحوي في " المقتصد "


 

المقدمة

الحمد لله -تعالى- الذي اصطَفَى اللسان العربي لسانًا لكتابِه العزيز وشريعته الهادية، والصلاة والسلام على رسوله ومُصطفاه محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

وبعدُ:

فإنَّه منذُ كنت طالبًا في المرحلة الأولى في قسم الدراسات العُليَا في جامعة أم القرى، وأنا أرغب في دراسة أثرٍ لعبدالقاهر الجرجاني يتعلَّق بعلم النحو، بعد أنْ كنت قد تذوَّقت حلاوة البناء اللغوي، ورأيت عُمق إدراك المعنى في التراكيب، فوجَّهني أحدُ مشرفِيَّ إلى قراءةٍ عميقة في كتابه "المقتصد في شرح الإيضاح"، فوجدت أنَّ الشيخ عبدالقاهر راسخ القدم في علم النحو إلى حدٍّ لا يقل عن مكانته في علوم اللغة والبلاغة، فاخترت هذا الأثَر للشيخ عبدالقاهر ليكون موضوعًا لأطروحتي للماجستير، فالكتاب يُعَدُّ أهمَّ كتب الجرجاني النحوية التي تكشف عن شخصيَّته ومكانته في النحو، وتُبيِّن موقعه بين علماء النحو، فضلاً عن "المقتصد شرح الإيضاح للفارسي" العلم المشهور الذي حمل لواء النحو في مرحلةٍ من أخطر مراحل النحو وتطوُّر درسه، فأنشأ مدرسة بغداد في وقتٍ كان فيه الباحثون ينحازون بقوَّة إمَّا إلى البصرة وعُلمائها، أو إلى الكوفة ونُحاتها، فأنشأ مدرسةً تبَلوَرتْ فيها آراء نُخبة من العلماء، واتَّضح منهجهم، وأخذت دورهم في تطوُّر الدرس النحوي، ويكفي هنا أنْ نذكر أنَّ ابن جني اللغوي البارع كان من بين عُلَمائها وأقرب طلاب الفارسي إليه.

 

وبدراسة كتاب "المقتصد" وجدتُ أنَّ للشيخ الجرجاني شخصيَّةً بارزة في علم النحو تهتمُّ بالتعليل وبسْط الحُجَج والأدلَّة ومناقشة المسائل النحويَّة بطريقةٍ بارعة، وبخاصَّة في دراسة المسائل الخلافيَّة، ولا غَرابة في ذلك؛ فقد عاش الجرجاني في القرن الخامس الهجري، مستوعبًا آثارَ نحاة القرن الرابع أمثال: الزجاجي والفارسي وابن جنِّي وغيرهم، ممَّن امتازُوا بالتفوُّق في الدراسة النحويَّة، بما خلَّفوه من آثارٍ ونظرات عميقة في تُراثنا اللغوي في عصرٍ كانت فيه الدولة الإسلامية ذات عُمقٍ حضاري وثقافي شغَل الناس في كلِّ مكان، لما احتضنه هذا الفكر من التفاعُلات الفكريَّة والعلميَّة والفلسفيَّة التي سادَتْ آنذاك، فأخَذ منها العلماء ما يتَّسق مع منهج تفكيرهم الإسلامي، ووظَّفوه في خِدمة مناهجهم في تناوُل قضايا لغتهم، وزادوا عليه كثيرًا، حتى غَدَتْ إنجازاتهم رافدًا رئيسًا لمناهج التفكير عند الأمم الأخرى التي احتكَّت بهم، أو تعامَلتْ معهم، فانعكست هذه المعطيات كلها في نشأة علماء ذلك العصر وَرِيث القرون الثلاثة السابقة بكلِّ ما كان فيها، انعكست هذه المعطيات في براعة تفكير عددٍ من العلماء الأفذاذ الذين يُعَدُّ الجرجاني أستاذًا شامخَ الرأس عميق القدم بينهم، بما حَباه الله من قدرةٍ على الفهم والاستيعاب لآثار العلماء ممَّن سبَقُوه، فاستَوعَب علم النُّحاة؛ بصريين وكوفيين، من سيبويه إلى زمنه، مع عنايةٍ خاصَّة بكتاب سيبويه، فقد كان على درايةٍ به، حتى لكأنَّه يحفظه عن ظهر قلب.

 

ولكنَّ إعجابه بسيبويه وبنحاة البصرة لم يمنعْه من ذكر مذاهب نحويِّي الكوفة وبغداد، فهو كثيرًا ما يذكر أسماءهم وآراءهم، ويُحاوِرهم ويناقش ما يقولون باستيعابٍ كامل لآراء مدارسهم وحُجَجهم.

 

ولَمَّا كان كتاب "المقتصد في شرح الإيضاح" كتابًا نحويًّا مهمًّا في المكتبة النحوية العربية؛ لما تميَّز به من عرض المسائل النحوية بطريقةٍ جديدة استفاد فيها الجرجاني ممَّن سلَفَه من العلماء أمثال: الزجاجي والرماني والفارسي وابن جني، ممَّن اهتمُّوا بالتعليل والترتيب في بسْط الحجج والأدلَّة بطريقةٍ علميَّة منظَّمة، فإنَّني آثَرتُ أنْ أدرس الخلاف النحوي في كتاب "المقتصد" الذي نرى أنَّ صاحبه بمقدار ما اعتمد على سابِقِيه وأفاد منهم، فإنَّه قد فتح مجالَ التأليف في الخِلاف للنحاة المتأخِّرين، وبخاصَّة أبو البركات الأنباري في كتابه "الإنصاف في مسائل الخلاف".

 

ومَن يتأمَّل كتاب "الإنصاف" يلحَظُ أنَّ الأنباري قد أفاد كثيرًا في بناء كتابه ممَّا ورد في آراء الجرجاني، فقد وجَدتْ أنَّ قسمًا كبيرًا من المسائل الخلافيَّة في "المقتصد" هي ممَّا أورده الأنباري في إنصافه الذي يعدُّ أوفى كتب الخلاف النحوي في التراث العربي.

 

وقد كان للشيخ عبدالقاهر الجرجاني في تناوُل المسائل الخلافية وعرضها منهجان؛ يعتمد أولهما على ذِكر المسألة ومناقشة آراء العلماء فيها منسوبةً إلى أصحابها، أمَّا المنهج الآخَر فيعتمد على ذكر المسألة ومناقشة الآراء دُون نِسبتها إلى أصحابها؛ إذ يكتفي في بعض الأحيان بردِّ أقوال المخالِفين، أو الإشارة إليهم بعبارةٍ مثل: "وأمَّا مَن ذهب"، أو "أمَّا مَن قال".

 

وقد حصرت ودرست مسائل الخلاف في كتاب "المقتصد" في ضوء ما اتَّبَعه الشيخ عبدالقاهر.

 

أمَّا منهجي في البحث فيعتمد على التالي:

أولاً: أضع للمسألة عنوانًا.

 

ثانيًا: أورد ما قاله الشيخ عبدالقاهر في المسألة الخلافية بنصِّه موضحًا موضوع الخلاف.

 

ثالثًا: أفصِّل القول في المسألة الخلافيَّة، فأورد أقوال النُّحاة وآراءهم من مظانِّها النحوية، بدءًا بالكتاب وانتهاءً بما قاله علماء اللغة في العصر الحديث، مع استقصاءٍ لكلِّ ما قِيل في المسألة قديمًا وحديثًا من جميع الزَّوايا، وقد حرصت في هذا العرض أنْ يكون بحسب التسلسل الزمني للنُّحاة؛ الأسبق فالأسبق.

 

رابعًا: كثيرًا ما يكون في بعض المسائل سهوٌ من العلماء المتأخِّرين في نسبة الآراء لقائليها؛ لذا عُنِيت كثيرًا بذلك، فبيَّنت وجه السهو، ونسبت الآراء إلى قائليها اعتمادًا على كتبهم.

 

خامسًا: بعد تفصيل القول في آراء العلماء وأدلَّتهم أُناقِش هذه الآراء، وأبيِّن وجه القوَّة والضعف فيها، مسترشدًا في ذلك بما قالَه النُّحاة أنفسهم في مناقشتهم لآراء بعضهم.

 

سادسًا: أُوجِز القول في نهاية كلِّ مسألة، محاولاً بحرْصٍ تلمُّس الخُطَى لإبْداء الرأي في ما أتممتُ مناقشته ومعارضته؛ رغبةً منِّي في تطبيق ما غرَسَه فينا أساتذتنا الأجلاَّء في مراحل التحصيل السابقة كلها، فطالما حثُّونا بقوَّةٍ على إبداء الرأي بطريقةٍ علميَّة، ونحن في كنفهم العلمي، نتقوَّى بإقرارهم، ونسترشد بأقوالهم، ونشدُّ سواعدنا بما يُوجِّهوننا إليه، فنُحقِّق لهم رغبتَهم في أنْ نكون ممَّن يؤتمنون على حمْل رسالةٍ هم عليها حُرَّاص، وعلى قوَّة مَن يحملها أكثر حرصًا، تمشِّيًا مع المنهج الإسلامي الحنيف، وتطبيقًا للمنهج العلمي السليم، فإنْ أكون على صواب فيما أُبدِيه من آراء فذلك بفضل الله، ثم بفضل إرشاد أساتذتي، وإنْ أخفقتُ فإنَّني أجزم الاعتقادَ أنَّ ما سيوجهني إليه أساتذتي سيكون له في النفس أجمل موقع، وفي مَسِيرتي العلميَّة أجودُ تأثير، فأنا طالبٌ أحرص على إرشادهم، وأطمع في توجيهاتهم، وأرغب في تقوية مَسِيرتي العلمية بما يقولون.

 

وقد اقتضَتْ خطَّة هذا البحث أنْ يقع في خمسة فصول، تُسبَق بمقدمة وتمهيد، أتحدَّث في المقدمة عن موضوع البحث، وأهميَّته، والدافع لاختياره، ومنهجي فيه.

 

أمَّا التمهيد فقد تحدثت فيه عن أسباب الخلاف النحوي وثمرته، وقد وضعتُ للبحث خاتمةً ذكرت فيها أبرز ما توصَّلت إليه من نتائج.

 

أمَّا فصول البحث ومنهجي في كلِّ فصل فقد كانت كما يلي:

الفصل الأول:

وقد خُصِّصَ للخلاف في البنية، ويتناول المسائل المتعلِّقة ببنية الكلمة الواحدة؛ كالخلاف في أصالة بعض الحروف وزيادتها، أو الخلاف في تصنيف بعض الكلمات بين الاسميَّة والحرفيَّة، أو بين الفعليَّة والحرفيَّة، أو الفعليَّة والاسميَّة، أو الخلاف في تركيب بعض الكلمات وبساطتها، وقد جاءت مسائل هذا الفصل في إحدى وعشرين مسألة، كما يلي:

1- القول في أصل الاشتقاق.

2- أصول الفعل.

3- ماهيَّة الألف واللام في اسم الفاعل.

4- الضمير في (أنت).

5- (كان) بين الفعلية والحرفية.

6- (ليس) بين الحرفية والفعلية.

7- اللام الأولى في "لعل" بين الأصالة والزيادة.

8- (حاشا) بين الحرفية والفعلية.

9- سبب بناء الباء على الكسر.

10- الكاف بين الحرفية والاسمية.

11- (رب) بين الحرفية والاسمية.

12- خلاف (ما) التعجبية.

13- (أفعل) التعجب بين الاسمية والفعلية.

14- (نعم وبئس) بين الاسمية والفعلية.

15- (حبذا) بين الفعلية والاسمية.

16- صرف (أحمر) إذا سُمِّي به ثم نُكِّر.

17- صرف العلم المؤنث الثلاثي ساكن الوسط.

18- (لن) بين البساطة والتركيب.

19- حذف الياء من الاسم المنقوص المحلَّى بـ(أل).

20- وزن (أرطى).

21- وزن (رمان).

 

وهنا استأذن أساتذتي الأفاضل في أنْ أقف مع ثلاث مسائل ممَّا ورد في هذا الباب، تُعَدُّ من أكثر المسائل خلافًا وموضع جدل بين العلماء؛ وذلك لأبيِّن قسمًا من منهجي في تناوُل مسائل هذا الباب بين القدماء والمحدَثين، وما كان لذلك من أثَرٍ في تطور الدرس النحوي.

 

أولاً: الخلاف في أصل الاشتقاق:

اختَلَف البصريون والكوفيون في أصل الاشتقاق، فعرضت رأي الفريقين وحُجَجهم، وناقشت ما استدلُّوا به من حجج، وبيَّنت ضعْف بعضها، ثم عرَضتُ رأي الجرجاني في هذه المسألة، فقد ذهب إلى أنَّ الفعل مشتقٌّ من المصدر، والوصف مشتقٌّ من الفعل، وبيَّنتُ ما فيه من جدَّة وطرافة، ثم انتقلت إلى رأي عُلَماء اللغة المعاصِرين، فعرضت رأيَ الدكتور تمَّام حسان في هذه المسألة؛ إذ لم يقرَّ ما ذهب إليه النُّحاة، وفضَّل عليه منهج المعجميِّين؛ لأنَّ اهتمامهم كان منصبًّا على الكلمات نفسها وليس على صِيَغها، ثم أتبعت هذه المسالة بخاتمةٍ وضعت فيها رأيًا أراه اعتمادًا على ما اجتمع لديَّ من آراء.

 

ثانيًا: (كان) بين الفعلية والحرفية:

اختلف النُّحاة في (كان)؛ فعدَّها الجمهور فعلاً؛ نظرًا لشكلها، ولقبولها بعضًا من خصائص الأفعال، وعدَّها المبرد والزجاجي من الحروف؛ نظرًا لمعناها ولعدم قبولها حدَّ الفعل، وقد استقصَيْت في هذه المسألة كلَّ ما قاله النُّحاة، وعرضت آراء العلماء فيها مبينًا وجْه القوة والضعف في كلِّ رأي، ثم عرضت رأي الدكتور مهدي المخزومي والدكتور خليل عمايرة من المعاصِرين، ثم ختمتُ المسألة بخاتمةٍ بيَّنت فيها أنَّ عدَّ (كان) من الحروف كما ذهب المبرد والزجاجي يخدم المعنى كثيرًا؛ فهي تفتَقِر إلى أهمِّ خاصيَّة من خواصِّ الفعل، وهي الدلالة على الحدث.

 

ثالثًا: (نعم وبئس) بين الفعلية والاسمية:

وهي من أبرز المسائل الخلافيَّة التي دار فيها الجدل بين علماء المدرستين؛ إذ عدَّها البصريون من الأفعال، بينما صنَّفها الكوفيون من الأسماء، وقد عرضت لرأي كلِّ فريق، وما استدلَّ به من أدلَّة، مع بَيان وجْه القوَّة والضعف فيما استدلُّوا به، وتبيَّن بعد المناقشة أنَّ (نعم وبئس) تفتقران إلى كثيرٍ من خصائص الأفعال والأسماء، فهي لا تدلُّ على حدثٍ وزمنٍ، ولا تتصرَّف كما تتصرَّف الأفعال، ولا تشير إلى مسمى، ولا تقبَل علامات الاسم من تنوينٍ وإضافة وإسناد.

 

ثم تناولتُ بعد ذلك آراء علماء اللغة المعاصرين، فعرضت رأي الدكتور تمام الذي عدَّ (نعم وبئس) من الخوالف، ثم رأي الدكتور خليل عمايرة الذي عدَّها أدواتٍ لتأكيد المدح والذم، ثم أنهيت المسألة بخاتمةٍ بيَّنت فيها ما أراه على ضوء ما اجتمع لديَّ من آراء.

 

الفصل الثاني: الخلاف في التراكيب:

ويتناوَل هذا الفصل المسائل الخلافيَّة التي تتعلَّق بالمفردات في التركيب الجملي؛ كالخِلاف في جَواز تقديم بعض الكلمات؛ نحو: جَواز تقديم الفاعل على فِعله، وجواز تقديم الخبر على المبتدأ، وجواز تقديم التمييز على عامِله، أو كالخِلاف في جواز وُرود بعض التراكيب؛ كالعطف على العاملين، أو العطف على المضمر المخفوض من غير إعادة الخافض، أو كالخِلاف في حذف بعض العناصر من التركيب؛ كجواز حذف الفاعل أو حذف مفعولي (ظن) وأخواتها.

 

وقد تضمَّن هذا الفصل خمسًا وأربعين مسألة، يُعدُّ الخلاف فيها محورًا رئيسًا في الدرس اللغوي قديمًا وحديثًا على حدٍّ سواء، فهي في التراكيب المرتبطة بالدلالة.

 

وقد وضعنا في متن الرسالة تحت عنوان الباب قائمةً بهذه المسائل، يضيق المقام عن ذكرها هنا.

 

وسأجتَزِئ من هذا الفصل مسألتين من المسائل الخلافية؛ لأُبيِّن منهجي في تناول مسائل الباب.

 

أولاً: دخول الفاء في خبر (إن) نحو: إنَّ الذي يأتينا فله درهمان، تُعَدُّ هذه المسألة من المسائل المشكلة عند النحويين، فالفاء الرابطة لا تكون إلا مع أدوات الشرط، والشرط منتفٍ هنا؛ ولهذا اختَلَف النُّحاة في جَواز دُخول هذه الفاء؛ فأجاز سيبويه ذلك، بينما منعه الأخفش، مع أنَّه يُجِيز دُخول الفاء في خبر المبتدأ دون شُروط، وبتتبُّع المظانِّ النحويَّة وجدت أنَّ أكثر النحويين ينسبون إلى سيبويه جَواز دخول الفاء، وينسبون إلى الأخفش منْع دخول الفاء، إلا الجرجاني فقد عكس القضيَّة، فبيَّنت ذلك السهو من الجرجاني، وبيَّنت حُجَج المجيزين والمانعين، واختَرتُ جواز دخول الفاء، وبيَّنت أسباب ذلك، ثم قوَّيت ما ذهبت إليه ببعضٍ من القراءات التي جاءت فيها الفاء محذوفة، وأخرى مذكورة.

 

ثانيًا: تقديم الفاعل على فعله:

 

اختلف البصريون والكوفيون في جواز ذلك؛ فأجاز الكوفيون التقديم، ومنعه البصريون، وقد عرضت رأي البصريين وأدلَّتهم، وناقشتها مبينًا اعتمادَهم على الشكل دون النظر إلى المعنى، ثم تعرَّضت إلى ما قاله الكوفيون، وبيَّنت اتِّساقه مع المنهج الوصفي الذي يهتمُّ بالمعنى، وبعد ذلك عرضت ما قاله علماء اللغة المعاصرون، فعرضت رأي الدكتور المخزومي والدكتور خليل عمايرة والدكتور عبدالقادر المهيري، وبيَّنتُ ما فيها من وَجاهةٍ، ثم ناقشت رأيَ الدكتور المهيري الذي لا يهتمُّ بالحركة الإعرابية، ودورها في التركيب الجملي في مثل هذا النمط، ثم أنهيت المسألة بخاتمةٍ بيَّنت فيها ما أراه؛ اعتمادًا على ما قاله العلماء، وتحقيقًا للمعنى الذي هو غاية المتكلم والسامع.

 

الفصل للثالث: الخلاف في الأعاريب:

ويهتمُّ هذا الفصل بإعراب بعضٍ من الكلمات في التركيب الجملي، وأوجُه الخلاف فيها، وما يترتَّب على ذلك من معنًى وعامل.

 

وقد جاء هذا الفصل في تسع مسائل هي:

1- الخِلاف في إعراب كلمة {آية} في قراءة ابن عامر في قوله -تعالى-: ﴿ أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [الشعراء: 197].

2- إعراب الاسم المنصوب في باب (كان).

3- (أن) ومعمولها بعد عسى.

4- (كأنَّ) وإعراب الجملة بعدها.

5- (أنَّ) ومعمولاها بعد (ظن) وأخواتها.

6- الجملة بعد الفعل المتعدِّي (سمع).

7- الاسم الثاني المنصوب بعد (استغفر)، ومسألة نزع الخافض.

8- تعريف العلم في النداء.

9- علة إعراب الفعل المضارع.

 

وأستأذِن أساتذتي في إيجاز مسألتين من هذا الباب المهم؛ لأبيِّن منهجي فيه، ولئتَّخذ منهما أنموذجًا يُبيِّن رغبتي في الإدلاء برأيي في إطارٍ علمي؛ وفقًا لما تعلَّمته من أساتذتي، وتحقيقًا لفضلهم عليَّ.

 

أولاً: الخلاف في إعراب (آية) بالرفع في قراءة ابن عامر في قوله -تعالى-: ﴿ أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةٌ أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [الشعراء: 197]، إذ اختلف المعربون في توجيه قراءة ابن عامر {آية} بالرفع، فمنهم مَن قدَّر ضمير شأن، و{آية} خبر لـ{أن يعلمه}، ومنهم مَن قدر (كان) تامَّةً، ومنهم مَن جعل {آية} هي الاسم، فعرضت لكلِّ هذه الاختلافات، وناقشتها من جميع الزوايا، وبيَّنت ضعفَ كثيرٍ منها بالدليل والحجَّة، ثم خلصت إلى أنَّ (كان) ناقصة، اسمها {أن يعلمه}، وخبرها {آية}، وقد جاءت هذه القراءة ممثِّلة للهجات بعض القبائل التي كانت تنصب اسم كان وترفع الخبر، نحو: كان عبدَالله قائمٌ، وعليه قول الشاعر:

أَسَكْرَانَ كَانَ ابْنُ المَرَاغَةِ إِذْ هَجَا
تَمِيمًا بِجَوْفِ الشَّامِ أَمْ مُتَسَاكِرُ؟ [1]

 

وقد ناقشت ذلك مناقشةً مطولة، مُوثِّقًا كلَّ ما توصلت إليه أو اعتمدت عليه.

 

ثانيًا: (أنَّ) ومعمولها بعد (عسى):

اختلف البصريون والكوفيون في إعراب (أنَّ) وما بعدها؛ فرأى البصريون أنَّ المصدر في محلِّ نصب على أنَّه خبرٌ لـ(عسى)؛ لأنها بمنزلة (كان)، بينما ذهب الكوفيون إلى أنَّ عسى فعل تام، و(أنَّ) وما دخلت عليه في تقدير البدل، فعرضت هذين الرأيين وناقشتهما، ثم طبَّقت عليها حدَّ الفعل الذي ارتضاه سيبويه، وبيَّن خصائصه ابن مالك، ثم خلصت بعد ذلك إلى رأيٍ ارتضيته، ودافعت عنه بالحجَّة والدليل ممَّا جاء في كتب التراث، ثم بيَّنت القيمة الدلالية للحرف (أن)، وأنَّه يفيد التراخي، وليس كما ذهب كثيرٌ من النحويين إلى أنَّه حرف مصدري.

 

الفصل الرابع: الخلاف في العوامل:

وقد جاء هذا الفصل في اثنتين وعشرين مسألة، اشتملتْ على أهمِّ مواضع الخلاف في الدرس النحوي العربي في موضوع كان وما يزال أكثر موضوعات النحو مجالاً للخلاف، وأثارها في عدد الآراء والأقوال، فلم يندَّ عن هذا الباب من موضوعات الخلاف النحوي القائمة على العامل كثيرٌ، حتى إنَّني أرى أنَّ البحث في هذا الباب ومسائله يمكن أنْ يتطوَّر مع مسائل الباب السابق عليه في التراكيب إلى موضوعٍ يكون عتبة المرور، أو حلقة الوصل بين النحو التعليمي القائم على التركيب الجملي الذي يعتمد على المثال التوضيحي لغرض التعليم، والنحو الدلالي الذي يدرس الجملة والحركة الإعرابيَّة على أنها وحدات في مبنى النص، فلكلٍّ فيها موقع، ولكلِّ موقع معنًى.

 

وقد وضعت في صدر الفصل وفي فهرس مضمون الرسالة ثبتًا بالمسائل كلها، يضيق المقام هنا عن ذكرها كاملة، ولكنَّنا سنجتزئ منها ما نستَطِيع به أن نُبيِّن المنهج الذي اتَّبعناه في مسائل هذا الباب.

 

وسأجتزئ من هذا الفصل مسألتين للحديث عنهما، وهما ناصب المفعول معه وناصب المستثنى.

 

أولاً: ناصب المفعول معه:

اختلف البصريون والكوفيون في العامل في المفعول معه، نحو: جئت وخالدًا؛ وذلك لعدم وجود عامل ظاهر يمكن نسبة العمل إليه؛ فالفعل لازم، والفعل اللازم ضعيفٌ لا يقوى على عمل النصب في المفعول معه؛ ولهذا قال الكوفيون بالخلاف، بينما ذهب البصريون إلى أنَّه منصوب بالفعل المتقدِّم بوساطة الواو، فعرضت لهذا الخلاف ورأي كلِّ فريق، وناقشت الأدلَّة والحجج، وبيَّنت ما في بعضها من ضعف، ثم خلصت إلى أنَّ المعنى هو الذي نصب هذا الاسم، فقد كانت الحركة الإعرابية أداةً طيِّعة على لسان العربي في عصر السليقة اللغوية، يستخدمها للتعبير عمَّا في نفسه، فلمَّا أراد معنى الجمع فإنَّه غيَّر الحركة إلى النصب ليفيد معنى المعيَّة بأقصر عبارة وأوجز لفظ.

 

ثانيًا: ناصب المستثنى:

اختلف النُّحاة في ناصب المستثنى في نحو: جاء القوم إلا زيدًا، أو رأيت القوم إلا زيدًا؛ ذلك لعدم وجود عاملٍ ظاهرٍ يمكن نسبة العمل إليه، فالفعل إمَّا أنْ يكون لازمًا، واللازم لا يقوى على هذا العمل، وإمَّا أنْ يكون متعديًا لمفعولٍ واحد، وقد استوفى هذا المفعول، ونتيجةً لهذا اختلف النُّحاة اختلافًا واسعًا؛ فذهب جمهور البصريين إلى أنَّ العامل فيه هو الفعل بوساطة إلا، وذهب بعضٌ من البصريين إلى أنَّ العامل هو الفعل فقط، بينما ذهب المبرد إلى أنَّ العامل فعلٌ محذوف، أمَّا الجرجاني فقد كان له رأي مستقلٌّ حيث ذهب إلى أنِّ العامل هو (إلا).

 

أمَّا الكوفيون فقد اختلفوا فيما بينهم أيضًا، فذهب الفراء إلى أنَّ (إلا) مركبة من (إن) التي للتوكيد و(لا) النافية، فالنصب بـ(إن) والإتباع بـ(لا) العاطفة.

 

أمَّا الكسائي فقد كان له في هذه المسألة رأيان: ذهب في الأول أنَّ المستثنى منصوب بـ(أن) محذوفة، والتقدير: جاء القوم إلا أنَّ زيدًا لم يأتِ، وذهب في الرأي الثاني إلى أنَّ العامل في المستثنى هو معنى المخالفة.

 

وقد عرضت لكلِّ هذه الآراء المتشعِّبة وحجج أصحابها، وناقشتها مبينًا ما فيها من قوَّةٍ ومن ضعف بالحجَّة والدليل، ثم ختمت المسألة بخاتمةٍ بيَّنت فيها أنَّ الناصب للمستثنى ليس الفعل أو (إلا) أو معنى المخالفة... إلخ، وإنما الناصب له هو تمام الكلام، كما يرى ابن عصفور.

 

الفصل الخامس: الخلاف في المصطلحات:

وقد جاء هذا الفصل في مسألتين هما: ركنا الجملة: المسند إليه والمسند، وتسمية نائب الفاعل فاعلاً، وقد بيَّنت في هاتين المسألتين اختلاف علماء النحو في المصطلحات الدالَّة على أركان الجملة العربيَّة، ثم خلصت بعد عرض الآراء إلى رأيٍ ارتضَيْته وفقًا لما جاء عند جمهور النحويين.

 

وقد اقتضى هذا البحث التشعُّب الكبير في المصادر والمراجع، فقد كانت جامعة شاملة، حيث اقتضى الأمر في كثيرٍ من الأحيان تتبُّع آراء العلماء أو جزئيَّات من آرائهم في مَظانِّها، ممَّا اقتضى أنْ أستقصي المسائل النحويَّة من أمَّهات كتب النحو؛ ومنها: "الكتاب"، و"المقتضب"، و"أصول ابن السرَّاج"، و"شرح ابن يعيش"، و"الرضي"، و"شرح التسهيل"، و"الارتشاف"، و"الهمع"، و"الأشباه والنظائر"... وغيرها من المظانِّ النحويَّة المهمَّة التي لا يسع المقام لذكرها.

 

ولم تكن مصادري مقصورةً على كتب النحو فقط، فقد كنت كثيرًا ما أستعين بما كتَبَه المفسِّرون في كثيرٍ من المسائل، فكان من مراجعي "كشاف الزمخشري"، و"البحر المحيط"؛ لأبي حيان، و"المحرر الوجيز"، و"الجامع لأحكام القرآن"، و"تفسير الفخر الرازي"... وغيرها من كتب التفسير المهمَّة.

 

وقد حرصت في هذا البحث أنْ أعرض ما قاله علماء اللغة في العصر الحديث حيثما كان لهم قول في بعض المسائل، ممَّا اقتضى أنْ أرجع إلى كتبهم ومقالاتهم وتعليقاتهم، فقد رأيت أنَّ جهودهم تحتاج إلى وقفةٍ نأخذ منها ما يفيد وينفع، ونرد ما لا يتَّسق مع لغتنا ومناهج تناولها، وقد كان جلُّ تركيزي على أبرز العلماء المحدَثين، وأخصُّ منهم الدكتور تمام حسان، والدكتور إبراهيم السامرائي، والدكتور مهدي المخزومي، والدكتور خليل عمايرة؛ لما لآرائهم من وجودٍ وانتشار بين الباحثين، ولما لهم من تأثيرٍ في الدرس اللغوي والتوجيه النحوي المعاصر.

 

وقد ذيَّلتُ هذا البحث بعددٍ من الفهارس شمل أولها فهارس الآيات الكريمة، ثم أتبعتُه بفهارس الأحاديث النبوية الشريفة، تلاها فهرس للأمثال والأشعار والأراجيز، ثم تلاه فهرس المراجع والمصادر، وأخيرًا فهرس الموضوعات.

 

وبعدُ:

فإني أودُّ أنْ أشيد بدور الأستاذ القدير الدكتور/ سعد حمدان الغامدي، الذي ساعدني، ووقف بجانبي، وشدَّ من أزري بتوجيهاته ونصائحه الجليلة التي عادَتْ على البحث والباحث بالنَّفع الكثير، فله منِّي خالص الشكر والامتنان والتقدير، أعانَه الله ووفَّقه، وجزاه عنِّي خيرَ الجزاء.

 

وللجنة المناقشة شُكرٌ نابعٌ من القلب لموافقتهم على قراءة عملي هذا الذي أعدُّه موافقة على إسهامهما في توجيه بنائه العلمي، شأنهما في ذلك شأنهما في مسيرة عَطائهما لطلاب العلم الذين ينتظرون منهما العطاء والتوجيه، فالشُّكر إلى الأستاذ الدكتور/ صلاح الدين صلاح حسنين، وللأستاذ الدكتور/ عبدالرحمن محمد إسماعيل، مع دُعائي إلى الله أنْ يجزيهما خيرَ الجزاء.

 

كما أودُّ أنْ أُقدِّم شُكري وافرًا إلى الجامعة التي أسهَمتْ في بنائي العلمي، كما أسهمتْ في البناء الفكري، لنُخبةٍ ممَّن تولَّوا ويتولون مهامَّ التوجيه التربوي والأكاديمي في مؤسساتنا العامرة، فاللهَ أسألُ أنْ يُوفِّق الجامعة بهيئتها الأكاديمية والإدارية، وأخصُّ بالذِّكر كلية اللغة العربية وقسم الدراسات العُليا الذي أنتمي إليه، فلهم منِّي بالغ الشكر؛ لما قدَّموه ويُقدِّمونه لطلاب العلم في مختلف مراحل التحصيل.

 

وأقدِّم شكري إلى مكتبة جامعة أم القرى وجامعة الملك عبدالعزيز، وإلى كلِّ مَن أسهم في بنائه العلمي، وبخاصَّة في عملي هذا الذي أسأل الله أنْ يجعله في ميزان حسناته.

 

ومنِّي شكرٌ خاص وتضرُّع إلى السميع العليم أنْ يجزي عنِّي خيرَ الجزاء كلَّ مَن أسهم في هذه الرسالة العلمية وفي بناء صاحبها بقليل أو كثير.

 

وأنا راغبٌ هنا في أنْ أرفع أكفَّ الضراعة إلى القائل ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ﴾ [الإسراء: 24]، لأعبِّر عن رغبتي في الدعاء لأفراد أسرتي كلهم، وأخصُّ والدي طالبًا منه لهم المغفرة والرحمة، فاللهمَّ ربِّ ارحمهما كما ربَّياني صغيرًا، وكما وقفا حياتهما لي كبيرًا، اللهم تقبَّل منِّي صادق الدعاء.

 

وخِتامًا، أرجو أنْ أكون قد وُفِّقت في هذا العمل، وأنْ أكون قد أضفت لبنةً جديدة إلى لبنات الدرس النحوي، فإنْ كنت أصبت فللَّه الحمد والمنة، وإنْ كانت الأخرى فجلَّ مَن لا يخطئ، واللهَ أسألُ أنْ ينفعني بهذا العمل، وأن يجعله في ميزان حسناتي.

 

وآخِر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين.

 

الخاتمة

الحمد لله الذي هَدانا لهذا، وما كنَّا لنهتدي لولا أنْ هدانا الله، وصلَّى الله على نور الهدى ويقين الحق محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

وبعدُ:

فإنَّه بعد أن تَمَّ هذا البحث، وهيَّأ الله لصاحبه أنْ يعيش مع الكتب الرئيسة في التراث العربي، وبخاصَّة في المكتبة النحوية اللغوية؛ بُغية إخراج هذا العمل على وجهٍ يرتضيه صاحبه، ويسمح له بالقول: إنَّه قد أسهم - ولو بقليل - في ردِّ شيء من الجميل لمكتبة التراث النحوي، فإنْ يكن قد وُفِّقَ فذاك فضل الله، وإنْ كانت منه كبوة فهذا عجز الإنسان، وبخاصَّة الطالب الباحث الذي يحتاج إلى التوجيه البنَّاء.

 

وقد وقف الباحث على نتائج يرى إثباتها في هذه الخاتمة:

أولاً: أنَّ ممَّا يدلُّ على عبقرية الخليل بن أحمد الفذَّة، وموهبته النادرة تلك القدرة الفائقة التي مكَّنته من أنْ يبتكر نظريَّة العامل والمعمول، التي استطاع بها أنْ يفسر ويُسوِّغ وجودَ الحركات الإعرابية على أواخر الكلمات بطريقةٍ لم تكن معروفةً عند العرب، أو ربما عند غيرهم من الأمم في مختلف مراحل التاريخ المعروف.

 

وعلى الرغم ممَّا وُجِّه لهذه النظرية من انتقادات واعتراضات، كان من أشهرها ما جاء عند ابن مَضاء القرطبي في كتابه "الرد على النُّحاة"، إلا أنها وقفت - وما تزال - شامخة صامدة في وجْه هذه الدعوات المتتابعة إلى يومنا هذا؛ إذ إنَّ الناظر فيها يجد أنها نظريَّة متكاملة، قويَّة البناء، شديدة التلاحُم، يصعب نقضُها، ولهذا لم يستطع كلُّ مَن حاول انتقادها أن يأتي ببديل يعوض أبناء العربية عنها.

 

لكن يُؤخَذ على توجيه بعض العلماء في توجيه هذه النظرية عدم قدرتهم في بعض الأحيان على تفسير الحركة الإعرابية أو تسويغها، كأنْ يكون العامل ضعيفًا لا يستطيع أنْ يعمل؛ كما في باب المفعول به والمستثنى، أم كان متعسر التقدير؛ كما في باب المبتدأ والخبر ورافع المضارع، أم كان غير مختص بالأسماء والأفعال... إلخ.

 

فإذا ما ظهرت مشكلةٌ كهذه ظهر الخلاف بين النحويين، وتعدَّدت الآراء التي تحاول إيجاد مفسر أو مؤثِّر أحدَثَ الحركة، وهذا ما جعل النحويين يختلفون فيما بينهم اختلافًا واسعًا في كثيرٍ من مسائل النحو الفرعية، فابتعدوا في بعض الأحيان عن مهمتهم الأساسيَّة المهمَّة التي تتمثَّل في وصف اللغة للمتعلِّمين، كما كان ينطق بها العرب الفُصَحاء في عصر سليقتهم اللغوية.

 

وإليك مثالاً يُبيِّن ما نذهب إليه:

اختلف النحويون في ناصب المفعول معه في نحو: استوى الماء والخشبة؛ لعدم وجود عامل ظاهر يمكن نسبة العمل إليه، فالفعل لازم، والفعل اللازم لا يعمل النصب في الأسماء على المفعوليَّة، والواو حرفٌ غير مختص، والحرف لا يعمل إلا إذا كان مختصًّا؛ ولهذا اختلف النحويون، وتعدَّدت آراؤهم في عامل النصب في هذا الاسم؛ لعدم وجود عامل ظاهر يمكن نسبة العمل إليه.

 

يقول الأنباري مصورًا هذا الخلاف: "ذهب الكوفيون إلى أنَّ المفعول معه منصوب على الخلاف، وذلك نحو قولهم: استوى الماءُ والخشبةَ، وجاء البردُ والطيالسةَ، وذهب البصريون إلى أنَّه منصوب بالفعل الذي قبله بتوسُّط الواو، وذهب أبو إسحاق الزجاج من البصريين إلى أنَّه منصوبٌ بتقدير عامل، والتقدير: ولابس الخشبة، وما أشبه ذلك؛ لأنَّ الفعل لا يعمل في المفعول وبينهما الواو، وذهب أبو الحسن الأخفش إلى أنَّ ما بعد الواو ينتصب بانتصاب (مع) في نحو: "جئت معه"[2].

 

ثانيًا: كان من نتائج الخلاف النحوي عند نحاة العربية أنِ التفتَ كثيرٌ منهم إلى إيداع كثيرٍ من الكتب النحويَّة التي تختلف في طريقة تأليفها وتصنيفها وعرضها، فامتَلأت المكتبة النحوية العربية بالمصنَّفات والمؤلَّفات والشروح، وقد عاد ذلك على العربيَّة بالنفع؛ إذ إنَّ هذه المؤلَّفات قد استطاعت أنْ تسدَّ ثغرةً في الدراسة النحوية بما أضافَتْه من آراء ونظرات ثاقبة عادَتْ على العربية بالنفع، يقول ابن خلدون في كثرة التآليف النحوية: "وبالجملة: فالتآليف في هذا الفن أكثر من أن تُحصَى أو يُحاط بها، وطرق التعليم فيها مختلفة؛ فطريقة المتقدِّمين مغايرةٌ لطريقة المتأخِّرين، والكوفيون والبصريون والبغداديون والأندلسيون مختلفةٌ طرقُهم"[3].

 

أمَّا ما يقوله بعض الدارسين من أنَّ لكثرة التآليف والتصانيف النحوية جانبًا سلبيًّا تمثَّل في إثقال كاهل المكتبة النحوية بالتآليف التي يخلو كثيرٌ منها من جديد، فأمرٌ غير مسلَّم؛ إذ لا تخلو هذه الكتب من الفائدة والنفع؛ إذ إنها قد صوَّرت لنا آراء أصحابها، وألقت الضوء على المراحل التي مرَّ بها النحو العربي في مراحل تطوره المختلفة، وهي مع ذلك لا تخلو من آراء ونظرات ثاقبة أسهَمتْ في تطوُّر الدرس النحوي على مرِّ العصور.

 

ثالثًا: كان من نتائج الخلاف النحوي عند نحاتنا القدماء أنْ ظهرت لهم آراء جيِّدة ونظرات ثاقبة امتلأت بها كتبهم ومؤلفاتهم، وقد كان لهذه الآراء والنظرات أثرٌ كبير ومهم في تطوُّر الدرس النحوي في العصر الحديث، وقد تمثَّل هذا التطوُّر في استفادة علماء اللغة المعاصرين في دِراستهم العربية بما قاله نحاتنا القدماء؛ إذ استوعبوا ما قاله المتقدِّمون، وطوَّروه بما يتوافق وطبيعةَ اللغة في هذا العصر؛ فأسهَمُوا بجهد لا يستهان به، تمثَّل في آراء ونظرات أصيلة استطاعت أنْ تفسر لنا كثيرًا من مشكلات الدرس العربي، ولعلَّ من أهمِّ هذه الإسهامات التي أسهم بها علماء اللغة المعاصرون ما قدَّمَه الدكتور تمام حسان والدكتور خليل عمايرة؛ فقد قدَّم الدكتور حسان في كتابه "اللغة العربية معناها ومبناها" بناءً جديدًا للدرس النحوي، اعتمد فيه على المنهج الوصفي في ضوء نظرية السياق والقرائن.

 

أمَّا الدكتور خليل عمايرة فقد قدَّم في كتابه في "نحو اللغة وتراكيبها" نظرية جديدة استطاعت أنْ تفسر الكلام العربي على ضوء المبنى والمعنى، وجعل لها تطبيقًا في سلسلةٍ من الكتب والمقالات العلمية، أبرز هذه الكتب كتابه الموسوم بـ"المعنى في ظاهرة تعدُّد وجوه الإعراب، نماذج من الفاتحة والبقرة وآل عمران".

 

رابعًا: على الرغم ممَّا وجَّهه بعض الدارسين إلى نحاة العربية المتأخِّرين - وبخاصَّة نحاة القرن الخامس وما تلاه - من انتقادات تتمثَّل في تسليمهم بما يقولُه النحويون المتقدِّمون، دُون مناقشةٍ وإبداء الرأي، إلاَّ أنَّنا نجد أنَّ كثيرًا من النحويين المتأخِّرين قد أسهموا في تطوُّر النحو العربي ورقيِّه؛ إذ استطاعوا أنْ يتميَّزوا ويُبدِعوا ويُضِيفوا الجديد للعربية ودارسيها، تمثَّلَ ذلك في مناقشاتهم وحوارهم نحاتنا القدماء، ثم في آرائهم التي تفرَّدوا بها، وتكوَّنت بها شخصيَّاتهم الواضحة في النحو العربي، فكانوا علامات مضيئة في تاريخ نحونا العربي، لا يستغني عن كتبهم وآرائهم أي دارس للعربية ونحوها، أذكر منهم على سبيل التمثيل لا الحصر ابن يعيش وابن مالك والرضي الاستراباذي وابن هشام وأبا حيان، فقد كانت لهم شخصيَّاتهم الواضحة في تناول قضايا النحو ومسائله.

 

ومَن يرجع إلى "شرح التسهيل"، و"شرح الرضي"، و"مغني اللبيب"، و"ارتشاف الضرب" - يرى شخصيَّة أصحاب هذه الكتب واضحة، سواء فيما كانوا يختارونه ويرجحونه من مذاهب النُّحاة، أم فيما يأتون به من آراء جديدة أسهمت إسهامًا واضحًا في تقدُّم الدرس النحوي.

 

خامسًا: كانت قبائل العرب متباعدةً متناثرةً في شتَّى أنحاء الجزيرة العربيَّة في نجد والحجاز وتهامة، وقد كان من الطبعي أنْ تختلف طريقة الأداء من قبيلةٍ لأخرى، وقد أدرك اللغويُّون المتقدِّمون هذه الاختلافات اللهجيَّة بين القبائل العربيَّة، وهي التي كانوا يسمُّونها (اللغات)، يقول أبو عمرو بن العلاء: "أعمل على الأكثر، وأسمِّي ما خالفنا لغات"[4].

 

لكنَّ اللغويين والنحويين في القرنين الثاني والثالث لم ينصُّوا على قبائل بعينها تُؤخَذ اللغة العربيَّة عنها دُون غيرها من القبائل، وإنما جاء التحديد من علماء متأخِّرين، حدَّدوا هذه القبائل التي يحتجُّ بلغتها، بعد أنْ نشأ علم النحو، وأُرسِيتْ أصوله، ووُضعتْ قواعده، ولم يتَّفق هؤلاء العلماء على عدد هذه القبائل، بل اختلفوا في ذلك اختلافًا واسعًا، فما يعدُّه بعضهم من القبائل الفصيحة المحتج بلغتها قد يَراه آخَر من القبائل غير المحتجِّ بلغتها لمخالطتها العجم، وإليك هذه النصوص حسب الترتيب الزمني:

يقول الفارابي: "وكان الذي تولَّى ذلك من بين أمصارهم أهلُ الكوفة والبصرة من أرض العراق، فتعلَّموا لغتهم والفصيح منها من سكَّان البراري منهم دون أهل الحضر، ثم من سكان البراري مَن كان في أوسط بلدهم، ومن أشدهم توحُّشًا وجَفاء، وأبعدهم إذعانًا وانقيادًا، وهم: قيس وتميم وأسد وطيِّئ، ثم هذيل؛ فإنَّ هؤلاء هم معظم مَن نُقِلَ عنه لسان العرب، والباقون فلم يُؤخَذ عنهم شيء؛ لأنهم كانوا في أطراف بلادهم مخالطين لغيرهم من الأمم، مطبوعين على سرعة انقياد ألسنتهم لألفاظ سائر الأمم المطيفة بهم، من الحبشة والهند والفرس والسريانيين، وأهل الشام، وأهل مصر"[5].

 

ويقول ابن خلدون: "ولهذا كانت لغة قريش أفصح اللغات العربية وأصرحها؛ لبُعدهم عن بلاد العجم من جميع جهاتهم، ثم مَن اكتنفَهُم من ثقيف وهذيل وخزاعة وبني كنانة وغطفان وبني أسد وبني تميم"[6].

 

ويقول السيوطي: "وأمَّا كلام العرب فيحتجُّ منه بما ثبَتَ عن الفُصَحاء الموثوق بعربيَّتهم، قال أبو نصرٍ الفارابي في أوَّل كتابه المسمى بـ"الألفاظ والحروف": كانت قريش أجود العرب انتقادًا للأفصح من الألفاظ، وأسهلها على اللسان عند النطق، وأحسنها مسموعًا، وأبينها إبانةً عمَّا في النفس، والذين عنهم نُقِلت اللغة العربية، وبهم اقتدى، وعنهم أخذ اللسان العربي من قبائل العرب وهم: قيس، وتميم، وأسد، فإنَّ هؤلاء هم الذين عنهم أكثر ما أُخِذَ ومعظمه، وعليه اتكل في الغريب، وفي الإعراب والتصريف، ثم هذيل وبعض كنانة، وبعض الطائيين، ولم يُؤخَذ عن غيرهم من سائر قبائلهم"[7].

 

يتَّضح لنا من قراءة هذه النصوص ما يلي:

أولاً: أنَّ أبا نصر الفارابي، المعلِّم الثاني، هو أوَّل مَن قام بتحديد هذه القبائل.

 

ثانيًا: يبدو أنَّ السيوطي لم ينقل نصَّ الفارابي كما هو في كتاب الحروف، فيبدو للباحث أنَّه نقَلَه اعتمادًا على محفوظِه، فجاء النص مختلفًا عمَّا هو عليه في الكتاب الأصل؛ ممَّا ترتَّب عليه اختلاف كبير في الحكم، وأدَّى إلى اضطرابٍ عند الباحثين الذين جاؤوا بعده.

 

ثالثًا: أنَّ هناك اختلافًا واسعًا بين النصوص التي أمامَنا، فقد ذكر الفارابي خمسًا من قبائل العرب هي: قيس وتميم وأسد وطيِّئ وهذيل، بينما زاد السيوطي بعض كنانة، أمَّا ابن خلدون فقد ذكر أنَّ ثقيفًا وخزاعة وغطفان من القبائل المحتج بها، وهذا مخالفٌ لما يقوله الفارابي والسيوطي؛ إذ لم يعدَّا هذه القبائل من القبائل الفصيحة المحتجِّ بلغتها، بل إنَّ السيوطي ذكر أنَّ قبيلة ثقيف من القبائل غير الفصيحة لمخالطتها تجار الأمم، يقول السيوطي: "وبالجملة فإنَّه لم يؤخذ عن حضري قطُّ، ولا عن سكَّان البراري ممَّن كان يسكن أطراف بلدهم التي تجاور سائر الأمم الذين حولهم.

 

فإنَّه لم يُؤخَذ لا من لخم ولا من جذام، فإنهم كانوا مجاورين لأهل مصر والقبط... ولا من بني حنيفة وسكان اليمامة، ولا من ثقيف وسكان الطائف؛ لمخالطتهم تجار الأمم المقيمين عندهم، ولا من حاضرة الحجاز؛ لأنَّ الذين نقلوا اللغة صادَفُوهم حين ابتدؤوا ينقلون لغة العرب قد خالطوا غيرهم من الأمم، وفسدت ألسنتهم"[8].

 

والذي يبدو أنَّ اللغويين الذين جمعوا اللغة في القرن الأول والثاني لم يلتزموا بهذا التصنيف الذي ادَّعاه الفارابي وابن خلدون، وإنما جمعوا اللغةَ من كثيرٍ من قبائل العرب المتباعِدة في نجد والحجاز وتهامة، دون العناية بنسبة كثيرٍ من المسموع إلى قائله.

 

وعندما جاء النحويون ليقيموا القواعد على هذا المسموع أرادوا أنْ تكون لهذه القواعد صفة الاطِّراد، فقاسوا على الكثير الشائع من كلام العرب، واطَّرحوا ما عداه ووصفوه بالشذوذ، دون التفاتٍ إلى أنَّ الكلام الخارج عن أقيستهم وقواعدهم هو كلام العرب الفصحاء الذين يحتجُّ بلغتهم.

 

ولَمَّا كان النحويون جميعًا يَصدُرون في دراسة اللغة عن نظريَّةٍ واحدة هي نظريَّة العامل والمعمول، فإنهم قد اهتموا بهذه النظرية اهتمامًا كبيرًا، فدرسوا اللغة في إطارها، دون الالتفات إلى أنَّ اللغة ظاهرة اجتماعية تختلف طرق الأداء فيها من قبيلة لأخرى؛ ونتيجة لهذا توسَّعت دائرة الخِلاف بين النحويين، فربما يرى بعض العلماء أنَّ بعضًا ممَّا منعه النُّحاة، ووصَفُوه بالشذوذ أو الخطأ جائز الوُرود في العربيَّة؛ اعتمادًا على ما سمعوه من لهجات القبائل العربية الفصيحة، أو استنادًا إلى قراءة سبعية متواترة، ولعل مُسوِّغ ذلك أنهم كانوا يضعون قواعدهم لغرضٍ تعليمي، يستطيع متعلِّموها حَذْوَ كلام العرب في حركات الكلمات في الجمل.

 

وقد اتَّضح لنا من دِراسة مسائل الخِلاف في كتاب "المقتصد" أنَّ كثيرًا من الاختلافات النحويَّة بين علماء النحو مردُّها إلى اختلافات لهجات قبائل العرب في كثيرٍ من النواحي، سواء أكان الاختلاف في الحركة الإعرابية أم في غيرها، وإليك بعض الأمثلة على ذلك:

أولاً: اختلفوا في (حاشا) بين الفعلية والحرفيَّة؛ فعدوها حرفًا إذا كان ما بعدها مجرورًا، وفعلاً إذا كان ما بعدها منصوبًا، مع أنها لا تحمل أيَّ خاصيَّة من خصائص الأفعال.

 

ثانيًا: ذهب يونس إلى جواز دخول نون التوكيد الخفيفة على فعل الاثنين وجماعة النسوة نحو: أتفعلان وافعلنان؛ اعتمادًا على قراءة ابن عامر: "ولا تتبعان"، بينما منع سيبويه ذلك؛ اعتمادًا على الشائع الغالب في كلام العرب، يقول سيبويه: "وأمَّا يونس وناسٌ من النحويين فيقولون: أضربان، واضربنان زيدًا، فهذا لم تقله العرب، وليس له نظير في كلامها"[9].

 

سادسًا: منذ أنِ اكتمل صرْح النحو العربي على يد الخليل بن أحمد وتلميذه سيبويه والنُّحاة على اختلاف مذاهبهم يعملون على تطبيق منهجه أو نظريته، وقد كان من الطبعي أنْ يختلف النُّحاة في تطبيق هذه النظرية على كلام العرب، فاختلفوا في كثيرٍ من المسائل الفرعيَّة اختلافًا واسعًا، ولكن هذا النوع من الاختلاف لم يكن يرجع إلى جَواز ورود التركيب في العربية أو عدم جوازه ولا إلى وجود الحركة ذاتها على أواخر الكلمات، وإنما يرجع إلى اختلاف تفسير حركات الكلمات وتسويغها وتوجيه إعرابها، فقول العرب: قائم زيد، جائز الورود عند البصريين والكوفيين، لكنَّه جائز عند البصريين على أنَّ "قائم" خبر مقدم، و"زيد" مبتدأ مؤخر، وجائز عند الكوفيين على أنَّ "قائم" مبتدأ، و"زيد" فاعل سد مسدَّ الخبر.

 

وكذلك الأمر في الاسم المنصوب في باب كان، فهو خبرٌ عند البصريين، حالٌ عند الكوفيين.

 

فالخلاف إذًا في أيِّ العوامل عمل فترك هذا الأثر أو ذاك، مع أنَّ الخلاف في المعنى بين كثير من التوجيهات كبير جدًّا.

 

سابعًا: لقد بذَل نحاة اللغة العربية الأوائل في سبيل خِدمة لغة القرآن الكريم جهودًا عظيمة كانت مَثار إعجاب الدارسين جميعًا، وذلك بما وضعوه من قواعد وقوانين تُعِين المتعلِّمين في شتَّى الحقب والعصور على تعلُّم العربيَّة وإتقانها، كما كان ينطق بها أصحابُها في عصر السليقة اللغويَّة.

 

ولكنَّ النحويين العرب حصروا اهتمامَهم في الحركة الإعرابية، فاهتمُّوا بها اهتمامًا منقطع النظير، وكأنَّ الحركة الإعرابيَّة هي المفتاح الوحيد لفهم المراد، مع أنها ليست هي العنصر الوحيد الذي يساعد على فهم المراد، فهناك التقديم والتأخير، والحذف والزيادة، وغيرها من العناصر التي تبيِّن عن المراد بالتركيب وتكشفه، يقول ابن خلدون: "وأمَّا في اللسان العربي فإنما يدلُّ عليها بأحوال وكيفيَّات في تراكيب الألفاظ وتأليفها من تقديم أو تأخير، أو حذف أو حركة إعراب"[10].

 

وكان من نتائج ذلك أنْ أغفل النُّحاة كثيرًا من الجوانب التي تستحقُّ الدراسة، ومنها جانب المعنى الذي لم يكونوا يهتمُّون به كثيرًا.

 

وقد بيَّن الباحث في أثناء هذا البحث أنَّ الحركة الإعرابية تنقسم إلى قسمين: قسم يؤدي دورًا في المعنى، بحيث لا يفهم المراد من التركيب إلا بالحركة الإعرابية، وقسم آخَر لا يؤدِّي أيَّ دور في المعنى؛ إذ إنَّ المعنى يُفهَم بدونها مع أنَّ الحركة الإعرابية يجب أنْ يُلتَزم بها في التركيب الجملي في اللغة العربية ولا يجوز الخروجُ عليها، سواء أدَّت دورًا دلاليًّا أم لم تُؤَدِّ.

 

ثامنًا: ممَّا لا شكَّ فيه أنَّ النحو العربي قد كان يتأثَّر في مراحل تطوُّره المختلفة بالجوِّ الفكري السائد في كلِّ عصر، وكانت في دراسات المناطقة اليونانيين من أكثر الدراسات تأثيرًا في النحو العربي؛ فقد تأثَّر نحويُّو القرن الرابع بخاصَّة بفكر أرسطو المفكِّر اليوناني المشهور، وكان من أبرز مَن ظهر عندهم التأثُّر من النحويين ابن السرَّاج والزجاجي والرمَّاني، يقول الأنباري عن الرماني: "وكان يمزج كلامه بالمنطق، حتى قال أبو علي الفارسي: إنْ كان النحو ما يقوله أبو الحسن الرماني فليس معنا شيء منه، وإنْ كان النحو ما نقوله فليس معه منه شيء"[11].

 

وقد برزتْ آثار هذا التأثُّر بفكر أرسطو في الحدود والتعريفات والعلل التي لم تكن معروفةً من قبلُ عند غيرهم من النحويين، وقد ظهر هذا الأمر بوضوحٍ فيما صنَّفَه ابن السراج والزجاجي من كتب، فقد سارت على منهجٍ خاص في الترتيب والتنظيم والتعليل.

 

لكنَّ تأثيرهم فيمَن بعدهم من النُّحاة كان أوسع مدى؛ فقد ظهر بوضوحٍ تأثُّر نحاة القرن الخامس والسادس وما تلاهما بمعطيات علم المنطق والفلسفة؛ إذ أصبح علم النحو في كثيرٍ من المسائل مادَّةً جافَّة يَدُور فيها الحوار بين العلماء في منطقة عقليَّة مع أنَّ مادَّته ما قاله العربي في عصر السليقة اللغويَّة، يبرز ذلك بوضوحٍ في الخلافات المتعلِّقة بالعامل والمعمول، وفي مسألة الاشتقاق والتنازع والاشتغال وغيرها، وقد عبَّر ابن خلدون عن ذلك بقوله: "فأصبحتْ صِناعة العربيَّة كأنها من جملة قوانين المنطق العقليَّة أو الجدل، وبعُدت عن مناحي اللسان وملكته؛ وما ذلك إلا لعُدولهم عن البحث في شواهد اللسان وتراكيبه وتمييز أساليبه"[12].

 

تاسعًا: إنَّ العلماء المتأخرين كثيرًا ما يختلفون في رأي سيبويه في المسائل النحوية، فيزعم كلُّ واحد منهم أنَّ ما قاله أو اختاره هو رأي سيبويه أو ظاهر قوله، وذلك يعود - فيما نرى - إلى أنَّ بعضًا من عبارات سيبويه تحتمل أكثر من توجيه.

 

عاشرًا: وجد الباحث من تتبُّعه ودراسته كثيرًا من المسائل الخلافية أنَّ النُّحاة المتأخِّرين قد ينسبون رأيًا لأحدٍ من النحويين المتقدمين، لكن بالرجوع إلى مؤلفاته يتبيَّن أنه لم يقل بهذا الرأي، أو أنَّ ما يراه خِلاف ما نقل عنه، وقد نبَّهت لذلك في أثناء دراستي المسائل، وسنكتفي بمثالٍ واحدٍ لهذا الأمر.

 

نسب ابن يعيش والرضي الإستراباذي إلى أبي العباس المبرد القولَ بجواز التعجُّب من الفعل الزائد على ثلاثة أحرُف، سواء كان على أفعل، أم كان رباعيًّا، نحو: دحرج، وبالرجوع إلى كتابه "المقتضب" وجدنا خلاف ما نُسِبَ إليه، بل إنَّه يُصرِّح بأنَّ فعل التعجب لا يُصاغ إلا من الفعل الثلاثي[13].

 

الحادي عشر: يَكاد يكون ابن مالك من أكثر النحويين إنصافًا لمذهب الكوفيين؛ فقد كانت نزعته في كتابه "شرح التسهيل" هي المزج بين المذهبين البصري والكوفي، واختيار الراجح منها دون تحيُّز أو تعصُّب، ممَّا جعَلَه ينصف الكوفيين أكثر من الأنباري صاحب كتاب "الإنصاف" الذي ادَّعى الإنصاف، ولم يلتزمه؛ ونتيجةً لهذا فقد كان لابن مالك شخصيَّة مستقلَّة جعلَتْه من النُّحاة البارزين في الدرس النحوي العربي.

 

الثاني عشر: اتَّضح للباحث من تتبُّعه كتبَ التراث النحوي، وبخاصَّة كتب الخِلاف النحوي أنَّ كثيرًا من المسائل الخلافية التي شغَل بها النُّحاة أنفسهم، فاختلفوا فيها اختلافًا واسعًا، لا يترتَّب عليها حُكمٌ يفيد المتكلم ودارس العربية شيئًا، بل إنها ممَّا يُثقِل كاهله، وبخاصَّة تلك المسائل العقلية البحتة التي تخرج بالدارس عن حُدود الدرس اللغوي؛ مثل مسألة أصل الاشتقاق وقضيَّة التنازُع التي تبرز فيهما مُعطَيات علم الفلسفة والمنطق بوضوح، ولعلَّ هذا ممَّا دفع ابن مَضاء القرطبي إلى المناداة بإلغاء كلِّ ما لا يفيد نطقًا، يقول: "وممَّا يجب أنْ يسقط من النحو الاختلاف فيما لا يفيد نطقًا؛ كاختلافهم في علَّة رفع الفاعل ونصب المفعول، وسائر ما اختلفوا فيه من العلل الثواني وغيرها، ممَّا لا يفيد نطقًا؛ كاختلافهم في رافع المبتدأ، وناصب المفعول، فنصبه بعضهم بالفعل، وبعضهم بالفاعل، وبعضهم بالفعل والفاعل معًا، وعلى الجملة: كلٌّ اختلف فيما لا يفيد نطقًا"[14].

 

الثالث عشر: إنَّ نحونا العربي لا يزال في حاجةٍ ماسَّة إلى مزيدٍ من الدراسة المتأنِّية المتعمِّقة، فنُحاتنا السابقون قد درَسوا النحو، فأشبعوه درسًا بما كان لديهم من طرق وأساليب، ولكنَّ هذا لا يمنع من محاولة النظر فيه من جديدٍ، مع الأخْذ بمعطيات العصر وتقدُّم العلوم.

 

أمَّا قول بعض الدارسين: إنَّ النحو العربي قد نضج حتى احترق، فقولٌ فيه مُجانبةٌ كبيرة للصواب؛ إذ لا يَزال كثيرٌ من قَضاياه ومسائله بحاجةٍ إلى دراسةٍ وصفيَّة متمعِّنة تستفيدُ من مُعطَيات علم اللغة الحديث، وتُولِي المعنى كثيرًا من اهتمامها.

 

 

فهرس الموضوعات

الموضوع

الصفحة

المقدمة

أ

التمهيد

1

الفصل الأول: الخلاف في البنية

20

القول في أصل الاشتقاق

22

أصول الفعل

31

ماهية الألف واللام في اسم الفاعل

37

الضمير في أنت

42

كان بين الفعلية والحرفية

47

ليس بين الحرفية والفعلية

56

اللام الأولى في "لعل" بين الأصالة والزيادة

63

حاشا بين الحرفية والفعلية

68

سبب بناء الباء على الكسر

74

الكاف بين الحرفية والاسمية

76

(رب) بين الحرفية والاسمية

84

خلاف في (ما) التعجبية

91

أفعل التعجب بين الاسمية والفعلية

99

(نعم) و(بئس) بين الاسمية والفعلية

107

(حبذا) بين الفعلية والاسمية

113

صرف (أحمر) إذا سمي به ثم نكر

121

صرف العلم المؤنث الثلاثي ساكن الوسط

124

(لن) بين البساطة والتركيب

129

حذف الياء من الاسم المنقوص المحلي بـ(أل).

133

وزن (أرطى)

136

وزن (رمان)

139

الفصل الثاني: الخلاف في التراكيب

142

تقديم الخبر على المبتدأ

145

إبراز الضمير بعد الوصف الذي جرى على غير صاحبه

152

تحمل الخبر الجامد ضمير المبتدأ

168

المبتدأ والخبر معرفتان

 

واو الإشباع في الفعل المسند إلى هاء الغيبة

173

إجراء صيغة ما لا يعقل مجرى ما يعقل

176

تقديم خبر (ليس) عليها

182

الفصل بين (كان) واسمها بأجنبي

190

وقوع الفاء في خبر (إن) واسمها من الموصولات

195

(إن) المخففة واللام في خبرها

205

(إن) بعد (ما) النافية

217

حذف مفعولي (ظن وأخواتها)

222

(ظن) والمفاعيل الثلاثية

230

تقديم الفاعل على فعله

235

لغة (أكلوني البراغيث)

245

اتصال ضمير الغبية الذي يعود على المفعول بالفاعل

252

حذف الفاعل

265

التنازع في العمل

273

خروج (إذا) عن الظرفية

281

(سوى) بين الظرفية والتصرف

286

تعريف الحال.

291

وقوع الفعل الماضي حالاً

297

مجيء التمييز معرفة

304

تقديم التمييز على العامل المتصرف

313

زيادة (من) في الإيجاب

321

(من) لابتداء الغاية في الزمان

329

(رُبَّ) أهي للتقليل أم التكثير

335

(ربما) والفعل المضارع

349

إضافة الاسم إلى اسم يوافقه معنى

359

الفصل بين المتضايفين

365

التعجب من الفعل الزائد على ثلاثة أحرف

377

جواز (نعم الرجل رجلاً زيد)

388

استعمال صيغة (فَعُلَ) في التعجب

392

معنى الواو العاطفة

396

جواز وقوع (حتى) عاطفة

 

إمَّا حرف من حروف العطف

410

العطف على الضمير المرفوع المتصل

417

العطف على الضمير المخفوض

422

العطف على عاملين

434

جواز وصف المنادى المفرد

439

جواز نصب صفة (أيُّ) نحو: (يا أيُّها الرجلَ) في النداء

444

تقديم معمول اسم الفعل عليه

449

توكيد فعل الاثنين وجماعة النسوة بالنون الخفيفة

460

(إذا) الفجائية وفاء جواب الشرط

464

تقديم المفعول بالجزاء على حرف الشرط

471

الفصل الثالث: الخلاف في الأعاريب

474

الخلاف في إعراب كلمة (أية) في قراءة ابن عامر في قوله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [الشعراء: 197]

476

إعراب الاسم المنصوب في باب (كان)

482

(أن) ومعمولها بعد (عسى)

490

(كان) وإعراب الجملة بعدها

497

(أن) ومعمولاها بعد (ظن) وأخواتها

505

الجملة بعد الفعل المتعدى (سمع)

509

الاسم الثاني المنصوب بعد (استغفر)، ومسألة نزع الخافض

515

تعريف العلم في النداء

521

علَّة إعراب الفعل المضارع

525

الفصل الرابع: الخلاف في العوامل

530

رافع المبتدأ والخبر

532

العامل في المبتدأ إذا كان الخبر شبه جملة

538

رافع الاسم بعد (لولا)

543

العامل في خبر (إن)

550

رافع الفاعل

557

رافع الاسم بعد (إن) الشرطية

562

ناصب المشغول عنه

566

ناصب المفعول به

572

العامل في المصدر إذا لم يكن جاريًا على حروف الفعل

577

العامل في الخبر ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا

584

ناصب المفعول معه

595

العامل في المستثنى

602

العامل في الاسم بعد (واو رُبَّ).

612

إعمال صيغة (فاعل)

617

جواز إعمال اسم الفاعل النصب إذا كان بمعنى الماضي

623

العامل في النعت

627

رافع الفعل المضارع

631

ناصب المضارع بعد (حتى)

636

ناصب المضارع بعد فاء السبب

641

ناصب المضارع بعد واو المعية

645

عامل الجزم في جواب الشرط

654

العامل في جواب الطلب

 

الفصل الخامس: الخلاف في المصطلحات

657

ركنا الجملة: المسند إليه والمسند

659

تسمية نائب الفاعل فاعلاً

663

الخاتمة

667

 



[1] انظر: "الكتاب"؛ سيبويه، ت: عبدالسلام محمد هارون، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثالثة، 1408هـ، 1: 49.

[2] الإنصاف" 1: 248 م30.

[3] مقدمة ابن خالدون" 605.

[4] طبقات النحويين واللغويين" 39.

[5] كتاب الألفاظ والحروف"؛ أبو نصر الفارابي، ت: محسن مهدي، بيروت 1969م، ص 147.

[6] مقدمة ابن خلدون" 614.

[7] "الاقتراح" 162.

[8] "الاقتراح" 163.

[9] "الكتاب" 3: 527.

[10] مقدمة ابن خلدون" 615.

[11] "نزهة الألباء في طبقات الأدباء" ص 319.

[12] مقدمة ابن خلدون" ص 621.

[13] انظر: "المقتضب" 4: 178.

[14] الرد على النحاة" 141.





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • مسائل في فقه الخلاف: التأدب بأدب الخلاف والتسامح في مورد الاجتهاد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم الخلاف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل التاريخ علم أم فن أم سؤال خطأ؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تعريف الخلاف والاختلاف(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الخلاف النحوي في تفسير ابن عرفة الورغمي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الخلاف النحوي في باب المبتدأ والخبر وما كان أصله المبتدأ والخبر(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الوهم في نسبة الآراء النحوية إلى الكوفيين في ضوء كتب الخلاف النحوي(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • أسس الترجيح في كتب الخلاف النحوي (عرض وتقويم)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الخلاف وآدابه(مقالة - موقع الشيخ د. عبد الله بن محمد الجرفالي)
  • أسباب الخلاف بين العلماء عند الشاطبي(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- كلمة شكر
أحمد عفراني - Maroc 27-11-2024 01:09 AM

شكرا جزيلا على هذا المجهود.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب